"فرصة أكبر لمن يدفع أكثر" | "البكالوريا" بديلًا للثانوية العامة مقترح قديم رفضه.. "الشيوخ" لتعارضه مع الدستور

📌 خلال الاجتماع الأسبوعي للحكومة، اليوم الأربعاء 8 يناير 2025، كلف رئيس مجلس الوزراء د. مصطفى مدبولي، مجموعة التنمية البشرية بالمجلس، بمناقشة آليات تنفيذ نظام "البكالوريا" كبديل لـ"الثانوية العامة، تمهيدًا لطرحه للحوار المجتمعي.

◾ المشروع الذي طرحه وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، محمد عبد اللطيف، يسمح بدخول الطالب للامتحان أكثر من مرة بمقابل مادي، لإعطاء فرصة لتحسين مجموعه، يتشابه مع مقترح قديم رفضه مجلسي الشيوخ والنواب عام 2021، في عهد الوزير الأسبق د. طارق شوقي لتعارضه مع الدستور. 

➖ في التقرير التالي، يشرح فريق #متصدقش كيف يُميز مقترح "عبد اللطيف" بين طلاب الثانوية العامة المختلفين على أساس القدرة المالية: ⬇️⬇️

❓ما النظام الجديد؟

◾ بحسب بيان لـ"التعليم"، تقوم فلسفة النظام الجديد، على إعطاء الفرص المتعددة (لتحسين المجموع)، عن طريق عقد امتحانين سنويًا، وتنمية المهارات الفكرية والنقدية، والتعلم متعدد التخصصات، عن طريق دمج مواد علمية وأدبية وفنية.

◾ تنقسم سنوات الدراسة في النظام المقترح "شهادة البكالوريا المصرية"، إلى 3 سنوات على مرحلتين: المرحلة التمهيدية وهي الصف الأول الثانوي، يدرس فيه الطالب عددًا من المواد الأساسية التي تدخل في المجموع الكلي، وهي: التربية الدينية - اللغة العربية - التاريخ المصري - الرياضيات - العلوم المتكاملة - الفلسفة والمنطق - اللغة الأجنبية الأولى، بالإضافة إلى مادتين خارج المجموع: اللغة الأجنبية الثانية - البرمجة وعلوم الحاسب.

◾ المرحلة الثانية، هي "الأساسية" وتشمل الصف الثاني الثانوي، والثالث الثانوي، والتي سيُسمح بأداء الامتحان مرتين في العام لتحسين المجموع، ويقضي الطالب في تلك المرحلة 4 سنوات بحد أقصى.

◾ يدرس الطالب في الصف الثاني الثانوي: 4 مواد منهم 3 أساسية هي: اللغة العربية - التاريخ المصري- اللغة الأجنبية الأولى، بالإضافة لمادة تخصص، وفي الصف الثالث الثانوي يدرس مادة التربية الدينية كمادة أساسية، بالإضافة لمادتي تخصص.

◾ مادة التخصص ستكون في مسار من 4، حددتهم الوزارة لطالب "البكالوريا" ليتخصص بمسار أو أكثر، حسب تفضيلاته للدراسة الجامعية، وهم: الطب وعلوم الحياة - الهندسة وعلوم الحاسب - الأعمال - الآداب والفنون.

⭕  فرصة أكبر لمن يدفع أكثر 

◾ أعطى النظام الجديد، طلاب المرحلة "الأساسية"، فرصتين لدخول الامتحان مرتين سنويًا، في مايو ويوليو للصف الثاني، ويونيو وأغسطس للصف الثالث. الامتحان الأول دخوله مجانًا، فيما سيكون الامتحان الثاني بمقابل 500 جنيه لكل مادة.

◾ وعلى سبيل المثال لتوضيح تكلفة دخول الامتحانات فقط في الفرصة الثانية، في الصف الثاني الثانوي إذا قرر الطالب دخول الامتحان الثاني في جميع الـ 4 مواد، تبلغ 2000 جنيه، وفي الصف الثالث الثانوي تبلغ 1500 جنيه في الـ 3 مواد.

◾ خلال المؤتمر الصحفي الأسبوعي للحكومة اليوم، أشار "مدبولي"، أن النظام المقترح، استُلهم من نُظم أخرى مطبقة في دول أجنبية تسمح بإعادة دخول الطالب في امتحان المادة أكثر من مرة، مضيفًا: "النظم اللي إحنا بنشوفها النهارده في المدارس والنظم الخاصة والمدارس الأجنبية.. إحنا عايزين نطبقه على ولادنا عشان نخفف من عليهم الضغط والعبء النفسي الكبير".

◾ لكن تصريحات "مدبولي" أَغفلت، أن أغلب طلاب المدارس المصرية في مرحلة الثانوية العامة، بحسب البيانات الرسمية، من الطبقات الأدنى دخلًا، ممن يتعلمون في مدارس حكومية، لتجنب المصاريف الدراسية المرتفعة، مما قد يعيقهم عن الاستفادة من فرص تحسين مجموعهم، التي تشترط دفع مقابل مادي.

◾ يبلغ إجمالي طلاب الثانوية العامة 2.39 مليون في العام الدراسي 2024/2023، منهم 1.77 مليون طلاب مدارس حكومية، بنسبة 79% من إجمالي الطلاب، فيما يبلغ عدد الطلاب في المدارس الخاصة في نفس المرحلة 468.3 ألف، بنسبة 21%.

◾ ويدفع طلاب المدارس الحكومية في المرحلة الثانوية مصروفات سنوية في العام الدراسي الحالي 2025/2024 قيمتها 527 جنيه، ويوجد فئة من المدارس الحكومية وهي الرسمية لغات، مصروفاتها 850 جنيه، ويوجد فئة "التجريبية" (الرسمية لغات متميزة) مصروفاتها 2300 جنيه.

◾ الدكتورة بثينة عبد الرؤوف، الخبيرة التربوية، قالت لـ#متصدقش، إن ذلك النظام سيُفرق بين الطلاب المختلفين حسب مقدرة أسرهم المادية: "هيخلي اللي قادر يدفع بس يجيب مجموع أعلى.. فكرة التحسين تستهدف أكتر الطلبة في المدارس الحكومية".

◾ وترى بثينة عبد الرؤوف، أن المقترح يعطي فرصة لمن لديهم القدرة المادية في تحسين درجاتهم عبر دفع الأموال: "كده الطالب لو جاب مجموع وحش في 3 مواد وعايز يحسنهم هيلاقي إنه هيدفع 1500، ممكن أهله يرفضوا، في حين لو طالب مقتدر هيبقى ده سهل جدًا بالنسبة له"، مُشيرة إلى أن النظام المقترح أيضًا سيُحمل أعباءً إضافية على الأسر، جراء زيادة مصاريف الدروس الخصوصية المتوقعة، مع طول فترة الدراسة.

◾يتفاوت إنفاق الأسر المصرية على التعليم، حسب مستوى دخلهم، تنفق الشريحة الأقل دخلًا 6.4%، فيما تنفق الشريحة الأعلى دخلًا 18.9%، ما يعني أن فرصة الأعلى دخلًا ستكون أكبر في تكرار الامتحانات ودفع رسومها. 

◾ ويحتل الإنفاق على الدروس الخصوصية ومجموعات التقوية 30.8% من إنفاق الشريحة الأدنى دخلًا في بند التعليم، فيما تصل النسبة إلى 67.1%، عند الشريحة الأعلى دخلًا، بحسب بحث الدخل والإنفاق الصادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء لعام 2020/2019، وهي البيانات التي لم تغطي مستويات الإنفاق بعد جائحة كورونا، والأزمة الاقتصادية التي تمر بها مصر منذ عام 2022.

⭕ إعادة إحياء مقترح قديم  به "شبهة عدم دستورية"

◾ الاقتراح الذي طرحه "عبد اللطيف" اليوم، سبق أن قدمت الحكومة نظامًا شبيهًا به في ديسمبر 2020 أثناء تَولي الوزير السابق د. طارق شوقي، وزارة "التعليم"، وكان يُقدم ثانوية تراكمية بها فرص لتحسين المجموع بدخول الامتحان أكثر من مرة، على أن يكون دخول الامتحان بعد أول مرة برسوم، لم تُحددها الحكومة حينها.

◾ أَحالت الحكومة مشروع بتعديل المادة 28 من قانون التعليم رقم 39 لسنة 1981، وقتها إلى مجلس الشيوخ، والذي رفضه في أبريل 2021.

◾ واعتبرت لجنة التعليم بـ"الشيوخ" في تقريرها لرفض تعديلات الحكومة، أن المشروع يشوبه "شبهة عدم دستورية".

◾ وأوضحت اللجنة أنه يتعارض مع مبدأ دستوري وهو "مجانية التعليم بمراحله المختلفة في مؤسسات الدولة التعليمية المنصوص عليه في المادة 19 من الدستور المصري". 

◾ كما رأت أنه يتعارض مع مبدأ تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين، المنصوص عليه في المادة 1 من الدستور، "لا سيما وأن فكرة دخول الطالب لامتحانات تحسين للمجموع كانت تجري في الماضي بدون أي مقابل مادي إضافي". 

◾ بعد رفض "الشيوخ"، تمسك "شوقي" بعرض المشروع أمام مجلس النواب، المنوط به إقرار التشريعات نهائيًا، وبعد جدل ومناقشات، قررت الحكومة سحبه في مايو 2021، على أن يتم تقديم نسخة جديدة بعد تعديل المقترح، وكتب حينها "شوقي" عبر حسابه على فيسبوك، أنه يتم دراسة البدائل القانونية، لفكرة تعدد محاولات الامتحان.

◾ ومنذ عام 2021، توقف الحديث عن المقترح رسميًا حتى طرحه من محمد عبد اللطيف وزير التعليم الحالي، الذي تولى الوزارة في يوليو 2024. 

◾ وتواصل فريق #متصدقش مع عضويين في لجنة التعليم بمجلس النواب لكنهما رفضا التعليق قبل الإطلاع على المقترح الجديد.